لماذا لا نتذكر المستقبل

واش عمرك سولتي راسك علاش كنقدرو نتذكرو الماضي وما نقدروش نتذكرو المستقبل ؟.

أي واحد فينا كيقدر يتذكر راسو مني كان كيجري ويلعب فالساحة ديال المدرسة، ولكسوة اللي جابو ليه نهار لعيد، ولحلقة نهار تهرس لكابتن ماجد، ويتذكر نهار سلقاتو جداتو حيتاش خوا ليها السطل ديال لحلوة، يعني أي واحد عندو ذكريات من الماضي، ولكن علاش ما نقدرش نتذكر راسي فالمستقبل، مثلاً نتذكر راسي نهار غنتزوج، ونهار غادي نكبر ونشرف، ونتذكر راسي مثلاً أنني غذا مني غنكون غادي فالصباح غتضربني طوموبيل[يا ربي السلامة]، ونتذكر أن الصفقة اللي غنجريها الشهر المقبل أو الامتحان اللي غندوز غيفشل، وأن المنتخب ما غاديش ينظم كأس العالم من هنا لمليون سنة حيث الطرقان غيبقاو عندنا مزفتين والتعليم مكلخ والصحة مريضة.. باختصار: علاش كنتفكرو الماضي والمستقبل لا !؟ .

● السؤال الأكبر: هو علاش الزمن كيمشي من الماضي للمستقبل وما كيمشيش من المستقبل للماضي؟، يعني هاد لمقال خص تكونو شفتوه غذا وأنا يالاه غنكتبو لبارح .

هادشي يقدر يجيكوم تخربيقة، ولكن العلم كيطرح هاد السؤال بقوة، خصوصاً وأن النسبية العامة علماتنا أن الزمان والمكان مخلطين مع بعضياتهوم فيما يسمى بالزمكان-Spacetime، يعني فينما كنهضرو على المكان راه فنفس الوقت كنهضرو على الزمان، ولكن فالواقع كنلقاوهوم مختالفين على بعضياتهوم، من بين الاختلافات أننا نقدرو نتحركو بحرية فالمكان، بعكس الزمان اللي حنا حاصلين فيه، كنقدرو نزيدو للأمام وما نقدروش نرجعو للوراء، واش عمرك شفتي جدك بقا راجع اللور حتى تفارق مع جداتك و الأب ديالك رجع للكرش ديالها وشوية ما بقاتش حاملة بيه، وشوية جدك ولات عندو عشر سنين وطلع كيلعب فالزعلولة وكيبكي باش يشريو ليه مصاصة ؟.

علاش هادشي ما يمكنش؟، حيتاش الزمن كيجري فاتجاه واحد، كيسميوه العلماء (سهم الزمن - Arrow of time)، ولكن السؤال هو علاش الزمن كيجري فاتجاه واحد؟.
هاد السؤال واحد من بين المعضلات اللي مازال العلم التجريبي الحديث حاصل فيها، بعض العلماء طرحو شي فرضيات تفسيرية ممكن يكون عندها علاقة بسهم الزمن .
أشهر تفسير لحد الساعة هو ظاهرة الأنتروبيا-Entropy، اللي حتا هي سهم كيمشي فاتجاه واحد، ولكن شناهي الأنتروبيا بعدا ؟ .
باختصار: الأنتروبيا هو نظام عشوائي كيحكم الأنظمة بحال نظام الكون ديالنا، هاد النظام كيقولينا أن أي حاجة فهاد لكون كتمشي فاتجاه الانهيار والعشوائية والفوضى، بحالاش ؟ .

تخيل معايا عندك شي كاس ديال لحليب، لحتي فيه شي قطرة ديال لمداد(الحبر)، هاديك القطرة غتبقى غادية وكتنتاشر فداك الكاس بشكل عشوائي، وحسب القانون جوج ديال الثيرموديناميك، الأنتروبيا فالكون ما عمرها كتنقص، بل كتبقى تزيد باستمرار، مازال ما فهمتي !.
•مثال بسيط: طيحتي الطبسيل هرستيه، هنا داك الطبسيل كان مرتب، ومني تهرس ولَّى فوضوي، واش ممكن داك الطبسيل يعاود يتجمع فالأرض ويبقا طالع بشوية بالعرض العكسي حتى يرجع يتحط فوق الطبلة كيفما كان فالأول ؟ .
ما يمكنش، حيتاش الطبسيل المهرس أكثر فوضوية وعشوائية من الطبسيل ما مهرسش، وكيفما قلنا الفوضى كتزيد وما كتنقصش، وهذا قانون علمي كيحكم العالم، يعني الطبسيل يقدر يزيد يتهرس ويتشتت، ولكن عمرو يعاود يتجمع ويتصلح بوحدو .

هنا لعولاما قاليك أسيدي هاد القضية ممكن يكون عندها علاقة بالزمن، يعني الطبسيل كينتقل من حالة النظام (طبسيل مرتب) إلى حالة الفوضى(طبسيل مفرشخ)، ولكن إلى الزمن كان كيرجع من المستقبل للماضي غادي نوليو نشوفو الطبسيل مهرس كيتجمع ويرجع يطلع يتحط لفوق، وهادشي غيولي متناقض مع الأنتروبيا .

من لعلماء اللي قريت ليهوم هضرو على هاد المعضلة، هو ستيفن هاوكينغ، خصص ليها الفصل التاسع كامل فكتابو (تاريخ موجز للزمان- A brief History of time)، بعنوان "سهم الزمان"، ستيفن قسم الزمن لثلاثة ديال الأسهم:
▪1- السهم النفسي للزمان:
 وهو السهم اللي كنحسو بيه حنا وكنتفكرو فيه الماضي وماشي المستقبل.
▪ 2- سهم ديناميكي حراري للزمان: اللي كتزيد فيه الفوضى والاضطراب، وهو اللي هضرنا عليه لفوق.
▪ 3- السهم الكوني للزمان:
 وهو السهم اللي كيتمدد فيه الكون ويتوسع بدل أن ينكمش .

هنا ستيفن هاوكينغ طرح شي قضايا معنفشة ومعنكشة، قاليك أسيدي راه السهم النفسي ديال الزمن مرتبط بالسهم الحراري، يعني كون كانت الأنتروبيا فبلاصت ما تنتاقل من الانتظام إلى الفوضى كيوقع العكس؛ كنا غادي نتفكرو المستقبل وماشي الماضي، وكنا غنشوفو الكاس كيطلع ويتجمع فبلاصت ما يطيح ويتهرس، تيقتي هادشي مرحبا، ما تيقتيش سير حفر لقبر ديال هاوكينغ وتفاهم معاه .

لحريرة الثانية اللي اقترح هاوكينغ، هي مني ربط السهم النفسي ديال الزمن بالسهم الكوني، كيفاش ؟ .

قاليك أسيدي حنا كنعرفو أن الكون كيتمدد وكيتوسع، ممكن فواحد الوقت الكون يتوقف على التمدد ويبدا ينكمش على راسو حتى يرجع للنقطة اللي نفاجر منها (المتفردة-Singularity)، طبعا هادي فرضية من بين الفرضيات المقترحة لنهاية لكون،-غادي نهضرو عليها فمقال مستقل إن شاء الله-، دابا شنو بيت القصيد فهادشي ؟ .

قاليك نعاماس إلى الكون بدا كينكمش على راسو ممكن سهم الزمن ينقلب، يعني غنقدرو نبداو نصغارو فبلاصت ما نكبارو، ونبداو نتفكرو المستقبل ونعرفو شنو غيوقع غذا، يعني لبارح، ونقدرو نعرفو لماتش ديال 2050 بشحال سالا واخا حنا ف 2018، ونقدرو نتذكرو واش تزوجنا، واش ولدنا، واش سافرنا ولا بقينا أشجار .
يعني غنبداو نرجعو من المستقبل للماضي.

لموهيم هذا موضوع شائك وحائك وبائك وطائك، الخلاصة ديالو أن العلم التجريبي عندو عقد نفسية مع بزاااف ديال لحوايج فهاد لحياة، من بينها الزمن، علاش كنتذكرو الماضي وماشي المستقبل؟، علاش كنمشيو للأمام وما نرجعوش للوراء؟، علاش الأنتروبيا كتزيد وما تنقصش؟، شنو علاقة الزمن بالأنتروبي؟، علاش ما يكونش سهم الزمن عندو جوج ديال الاتجاهات ؟ .

ومن بين المعضلات ديال هاد القضية، هي أننا كون كنا كنتفكرو المستقبل، يعني دابا إلى تذكرت أنني فالمستقبل السيدة اللي غنتزوج بيها غادي دير ليا السم فلحوت كواري، واش غادي نتزوج بيها ولا لا ؟.
يعني إلى كنا كنتذكرو المستقبل، واش نقدرو نغيروه ولا لا؟، إيلا غيرناه يعني أننا ما غاديش نتذكروه حيث غنكونو غيرناه، وإيلا تذكرناه ما غنقدروش نغيروه حيث غنكونو تذكرناه، وهذا مشكل فلسفي وضبرو روسكم معاه، لموهيم غنهضرو شوية على الزمن بطريقة أخرى فالموضوع القادم، "الزمن، وعجائب النسبية" .

السلام عليكم